العلاقة ما بين الفكر الاشتراكي والفكر اليهودي
مقال للصديق طارق العلي، نشره بصفحته، كتب بعد بحثه بعدة مراجع. المقال للنقاش، وطارق بيجي بناقش فيه اذا في اي نقطة.
العلاقة ما بين الفكر الاشتراكي والفكر اليهودي
إن أي دراسة معمقة في تاريخ الشيوعية - الإشتراكية واليهودية ستكشف أن هناك تيار قوي معادٍ لليهود واليهودية داخل الفكر الشيوعي والاشتراكي وأن كثير من المفكرين الاشتراكيين من اليهود كانوا هم أنفسهم معادين لليهود واليهودية. فالبلاشفة اليهود قد رفضوا اليهودية بل وساهموا في صياغة السياسة البلشفية تجاه الجماعة اليهودية وفي تطبيقها. وسأقوم من خلال الاستناد إلى تاريخ وأفكار وكتابات الحركة الشيوعية العالمية بتقديم الإثبات على أن الحركة الشيوعية لهي من ألد أعداء اليهودية فكراً وديناً مع توضيح الأسباب بالطبع والهدف من هذه الدراسة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة السائدة اليوم بين الشيوعيين في العالم تجاه الأديان وتحديداً الدين اليهودي اليذي يختلف عن باقي الأديان كونه نتاج جماعة بشرية تهدف من خلال هذا الرداء الوصول إلى مصالحها الخاصة على حساب باقي المجتمعات والشعوب الأمر الذي يتنافى كلياً مع الفكر الشيوعي الهادف إلى تحقيق المساوة العالمية بين كل شعوب العالم.
لكي لا تكون الأمور ملتبسة وللتوضيح فقط سأبدأ بوضع تعريف صغير عن ماهية اليهود واليهودية. إن الفكر اليهودي مرتبط بشعائر بدائية لا عقلانية أو طقوس لا روح فيها وهي بذلك تتعارض والمفهوم الاشتراكي الكلاسيكي الذي يتم في إطار مفاهيم علمانية مادية مثل مفهوم الإنسان الطبيعي أو المادي وهو مفهوم مادي اختزالي يسقط أي خصوصية أو هوية ويرى الإنسان باعتباره جزء من الطبيعة المادة. ويترتب على هذا المفهوم عدة نتائج أهمها رفض الخصوصية العرقية لليهود على أساس أنهم مواطنين عاديين يجب دمجهم في المجتمع. ولقد قام المفكرون الاشتراكيون بالهجوم الضاري على اليهودية باعتبارها شكلاً متخلفاً للمسيحية بالإضافة إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية فاليهودية تتضمّن عناصر نفعية أنانية تشجّع اليهود على الاهتمام بأنفسهم وعلى كره البشر، كما أن اليود بوصفهم عنصر هامشي غير منتج يتركّز في التجارة والأعمال المالية ولا يتّجه إلى الصناعة أو الزراعة أبداً (جماعة وظيفية وسيطة)، وبذلك فإن هناك علاقة عضوية بين اليهود والرأسمالية خصوصاً في شكلها التجاري المتمثل في الأعمال المالية والبورصة ولقد ساوى كارل ماركس بين برجزة المجتمع (أي سيادة العلاقات التعاقدية البرجوازية فيه) من جهة وبين تهويده من جهة أخرى. وفي هذا يذهب شارل فوييه (1772-1837) أحد أهم النقاد الإشتراكيين لليهود إلى أن التجارة هي مصدر كل الشرور وأن اليهود تجسيد لها وهم في تصوّره ليسوا جماعة دينية إنما هم جماعمة قومية غير متحضرة وبدائية ومعادية للحقيقة ولا بد للمجتمع من التخلّص منهم بالدمج أو الطرد. ويرى فورييه أن لفظتي (يهودي) و (لص) مترادفتان وأن اليهود عنصر تجاري لا ارتباط ولا انتماء له بوطن، هذه الفكرة التي أكّدها كارل ماركس أيضاً في قوله أن رأس المال لا دين له ولا هوية ممّا يعود بنا إلى العلاقة العضوية القائمة بين اليهودية والرأسمالية. ويتابع فورييه مهاجماً ومنتقداً اليهودية واليهود قائلاً أن سبب عدم استثمار اليهود أموالهم في الصناعة والزراعة يعود إلى رعبتهم بعدم ربط مصيرهم بمصير الدول التي يعيشون فيها. ولقد ترك فورييه أثراً عميقاً على الفكر الاشتراكي بعده فألفونس توسينيل وهو تلميذ فورييه ذكر في كتابه (تاريخ الإقطاع المالي) بأن الكتاب ليس هجوم عنصري على اليهود وحذّر منذ البداية من أنّه سيستخدم كلمة (يهودي) لا بمعناها الإثني إنما بمعنى المرابي واللص وهو بذلك ربط ما بين اليهود كجماعة وظيفية وبين الطفيليين الذين يعيشون على جهد الآخرين. ولقد ظهر في نفس الاتجاه أدولف ألايزا الذي ترأس مجلة لارينوفاسيون الناطقة باسم الحركة الاشتراكية ويرى ألايزا أن اليهود مثل البكتيريا القذرة والتي تؤدي إلى عفن المكان الذي تصل إليه فاليهودي يتآمر ضد الأمن الوطني لحساب مصالحه وذلك بأمر ديني يعطيه الحق في فعل ما يريد لتحقيق مآربه.
وتعبّر آراء ميخائيل باكونين (1814-1876) المنظّر والمفكّر الروسي عن كره عميق لليهود بسبب الدور البارز لأعضاء الجماعة اليهودية في التجارة والمال في أوروبا وهو ما كان نتاجاً لميراثهم التاريخي كجماعة وظيفية. ويعتبر باكونين أن اليهود هم الخطر الأكبر وأنهم القوة الحقيقية في أوروبا إذ أنهم يسيطرون بشكل مطلق على التجارة والبنوك وعلى جزء كبير من الصحافة. إن هذه الرؤية المعادية لليهود غير مقصورة على المفكرين غير اليهود وحدهم، ففرديناند لاسال مفكر اشتراكي ألماني يهودي (1825-1864) كان له آراء مشابهة لبوكانين فقد أكّد تنصّله من اليهودية لأنه يبغض اليهود.
لقد كان عداء الاشتراكيين والثوريين لليهود يستند إلى تحليل طبقي يفترض فيه أصحابه علميته وموضوعيته. هذا التحليل الذي ظهر بشكل أكثر مع المفكرين والزعماء الشيوعيين أمثال لينين وتروتسكي.
انطلق لينين من تعريف محدّد للأمة هو أنها جماعة لا بد وأن يكون لها أرض تتطوّر عليها الأمر الذي لا يتوافر في اليهود كم لا بد وأن تكون للأمة لغة مشتركة وهو الأمر الذي لم يكن متوفراً في اليهود ولقد ناقش لينين القضية من منظور معمّم فتساءل هل اليهود بشكل عام وفي كل زمان ومكان يشكلون قومية أم لا؟ وهل هناك خصوصية مقصورة عليهم؟ وهو في هذا يشير إلى فكرة الديانة اليهودية لا فكرة الأمة وحسب، هذه الفكرة التي تدعو إلى تخصيص اليهود وتمييزهم عن باقي شعوب العالم. ولحل هذه المشكلة رأى لينين بأنه يجب دمج اليهود في المجتمع وجعلهم ينخرطون في النضال الثوري إلى جانب المضطهدين من الطبقة العاملة وذلك للقضاء على الأفكار الدينية اليهودية من ناحية وتلقينهم الأفكار والقيم الثورية والعلمانية التي بواسطتها سيتم إلغاء الفكر الديني اليهودي الهدّام العنصري من ناحية ومن ناحية أخرى للقضاء على المجتمع البرجوازي اليهودي الذي كان يعتبره لينين الأخطر على الثورة البلشفية ولقد كان محقاً في فكرته هذه إذ كان البرجوازيين اليهود من أكبر وأوّل المموّلين لثورة الروس البيض في وجه الثورة البلشفية الحمراء لما فيها من خطر داهم على الفكر الديني اليهودي الذي يحمي مصالحهم. رأى لينين أنه ولا بد أن يذوب العمال اليهود في المجتمع الثوري الجديد وهذا هو الخط العام الكامن في حركة الاستنارة وفي كل الحلول الماركسية. ولهذاً أيضاً وقف لينين وتروتسكي موقف المعارضة الكاملة من فكرة القومية اليهودية العامة العالمية (الصهيونية). ولا يخرج ستالين عن الموقف العام للزعماء الماركسيين السابقين وهو إن اعترف بالدولة الصهيونية فيما بعد فذلك كان في إطار محاولة لإحداث شرخ دائم العلاقات الأميركية - العربية حول فلسطين فلقد كان السوفيات يدركون انهم لن يخسروا شيئاً في المنطقة لأنهم لا يملكون شيئاً على عكس الولايات المتحدة الأميركية التي ستخسر الكثير من جرّاء هذا الموقف. ولقند ظهر ذلك بشكل واضح لاحقاً حين أدرك السوفيات عدم جدوى قيام أي علاقة مع هذه الدولة الاستعمارية، -الأمر الذي أدركه في وقت سابق الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو- فقاموا بقطع العلاقات ودخلوا في تحالف مع العرب.
ولقد كان تروتسكي الزعيم الماركسي اليهودي هو الآخر ضد فكرة القومية اليهودية ولهذا فقد عارض الصهاينة وكان رأيه أن حل المسألة اليهودية لا يكمن في تأسيس دولة يهودية بين دول أخرى غير يهودية. الأمر الذي كان سبباً بين الأسباب التي أدّت إلى الخلاف مع ستالين الذي اعتقد أن هذا سيُبعد المشكلة اليهودية لبعض الوقت في حين كان بأمسّ الحاجة لبعض الوقت لتنظيم الثورة والدولة ولقد عاد وتبيّن لاحقاً فداحة الخطأ الذي وقع فيه وعاد ونسج العلاقات مع العرب كما ذكرت سابقاً.
ولقد تبنّى خروتشوف نفس الموقف المطلق الكلّي إذ تحدّث عن اليهود (في تعليق له بجريد الفيجاور في 9 نيسان 1959) بأنهم المسؤولون عن كافة المشاكل في المجتمعات منذ أقدم الأزمنة وهم لا يحبّون العمل الجماعي والانضباط الجماعي وهم في الواقع فرديون يعملون من أجل تحقيق مصالحهم الفردية الخاصة.
مقال للصديق طارق العلي، نشره بصفحته، كتب بعد بحثه بعدة مراجع. المقال للنقاش، وطارق بيجي بناقش فيه اذا في اي نقطة.
العلاقة ما بين الفكر الاشتراكي والفكر اليهودي
إن أي دراسة معمقة في تاريخ الشيوعية - الإشتراكية واليهودية ستكشف أن هناك تيار قوي معادٍ لليهود واليهودية داخل الفكر الشيوعي والاشتراكي وأن كثير من المفكرين الاشتراكيين من اليهود كانوا هم أنفسهم معادين لليهود واليهودية. فالبلاشفة اليهود قد رفضوا اليهودية بل وساهموا في صياغة السياسة البلشفية تجاه الجماعة اليهودية وفي تطبيقها. وسأقوم من خلال الاستناد إلى تاريخ وأفكار وكتابات الحركة الشيوعية العالمية بتقديم الإثبات على أن الحركة الشيوعية لهي من ألد أعداء اليهودية فكراً وديناً مع توضيح الأسباب بالطبع والهدف من هذه الدراسة تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة السائدة اليوم بين الشيوعيين في العالم تجاه الأديان وتحديداً الدين اليهودي اليذي يختلف عن باقي الأديان كونه نتاج جماعة بشرية تهدف من خلال هذا الرداء الوصول إلى مصالحها الخاصة على حساب باقي المجتمعات والشعوب الأمر الذي يتنافى كلياً مع الفكر الشيوعي الهادف إلى تحقيق المساوة العالمية بين كل شعوب العالم.
لكي لا تكون الأمور ملتبسة وللتوضيح فقط سأبدأ بوضع تعريف صغير عن ماهية اليهود واليهودية. إن الفكر اليهودي مرتبط بشعائر بدائية لا عقلانية أو طقوس لا روح فيها وهي بذلك تتعارض والمفهوم الاشتراكي الكلاسيكي الذي يتم في إطار مفاهيم علمانية مادية مثل مفهوم الإنسان الطبيعي أو المادي وهو مفهوم مادي اختزالي يسقط أي خصوصية أو هوية ويرى الإنسان باعتباره جزء من الطبيعة المادة. ويترتب على هذا المفهوم عدة نتائج أهمها رفض الخصوصية العرقية لليهود على أساس أنهم مواطنين عاديين يجب دمجهم في المجتمع. ولقد قام المفكرون الاشتراكيون بالهجوم الضاري على اليهودية باعتبارها شكلاً متخلفاً للمسيحية بالإضافة إلى أسباب أخرى لا تقل أهمية فاليهودية تتضمّن عناصر نفعية أنانية تشجّع اليهود على الاهتمام بأنفسهم وعلى كره البشر، كما أن اليود بوصفهم عنصر هامشي غير منتج يتركّز في التجارة والأعمال المالية ولا يتّجه إلى الصناعة أو الزراعة أبداً (جماعة وظيفية وسيطة)، وبذلك فإن هناك علاقة عضوية بين اليهود والرأسمالية خصوصاً في شكلها التجاري المتمثل في الأعمال المالية والبورصة ولقد ساوى كارل ماركس بين برجزة المجتمع (أي سيادة العلاقات التعاقدية البرجوازية فيه) من جهة وبين تهويده من جهة أخرى. وفي هذا يذهب شارل فوييه (1772-1837) أحد أهم النقاد الإشتراكيين لليهود إلى أن التجارة هي مصدر كل الشرور وأن اليهود تجسيد لها وهم في تصوّره ليسوا جماعة دينية إنما هم جماعمة قومية غير متحضرة وبدائية ومعادية للحقيقة ولا بد للمجتمع من التخلّص منهم بالدمج أو الطرد. ويرى فورييه أن لفظتي (يهودي) و (لص) مترادفتان وأن اليهود عنصر تجاري لا ارتباط ولا انتماء له بوطن، هذه الفكرة التي أكّدها كارل ماركس أيضاً في قوله أن رأس المال لا دين له ولا هوية ممّا يعود بنا إلى العلاقة العضوية القائمة بين اليهودية والرأسمالية. ويتابع فورييه مهاجماً ومنتقداً اليهودية واليهود قائلاً أن سبب عدم استثمار اليهود أموالهم في الصناعة والزراعة يعود إلى رعبتهم بعدم ربط مصيرهم بمصير الدول التي يعيشون فيها. ولقد ترك فورييه أثراً عميقاً على الفكر الاشتراكي بعده فألفونس توسينيل وهو تلميذ فورييه ذكر في كتابه (تاريخ الإقطاع المالي) بأن الكتاب ليس هجوم عنصري على اليهود وحذّر منذ البداية من أنّه سيستخدم كلمة (يهودي) لا بمعناها الإثني إنما بمعنى المرابي واللص وهو بذلك ربط ما بين اليهود كجماعة وظيفية وبين الطفيليين الذين يعيشون على جهد الآخرين. ولقد ظهر في نفس الاتجاه أدولف ألايزا الذي ترأس مجلة لارينوفاسيون الناطقة باسم الحركة الاشتراكية ويرى ألايزا أن اليهود مثل البكتيريا القذرة والتي تؤدي إلى عفن المكان الذي تصل إليه فاليهودي يتآمر ضد الأمن الوطني لحساب مصالحه وذلك بأمر ديني يعطيه الحق في فعل ما يريد لتحقيق مآربه.
وتعبّر آراء ميخائيل باكونين (1814-1876) المنظّر والمفكّر الروسي عن كره عميق لليهود بسبب الدور البارز لأعضاء الجماعة اليهودية في التجارة والمال في أوروبا وهو ما كان نتاجاً لميراثهم التاريخي كجماعة وظيفية. ويعتبر باكونين أن اليهود هم الخطر الأكبر وأنهم القوة الحقيقية في أوروبا إذ أنهم يسيطرون بشكل مطلق على التجارة والبنوك وعلى جزء كبير من الصحافة. إن هذه الرؤية المعادية لليهود غير مقصورة على المفكرين غير اليهود وحدهم، ففرديناند لاسال مفكر اشتراكي ألماني يهودي (1825-1864) كان له آراء مشابهة لبوكانين فقد أكّد تنصّله من اليهودية لأنه يبغض اليهود.
لقد كان عداء الاشتراكيين والثوريين لليهود يستند إلى تحليل طبقي يفترض فيه أصحابه علميته وموضوعيته. هذا التحليل الذي ظهر بشكل أكثر مع المفكرين والزعماء الشيوعيين أمثال لينين وتروتسكي.
انطلق لينين من تعريف محدّد للأمة هو أنها جماعة لا بد وأن يكون لها أرض تتطوّر عليها الأمر الذي لا يتوافر في اليهود كم لا بد وأن تكون للأمة لغة مشتركة وهو الأمر الذي لم يكن متوفراً في اليهود ولقد ناقش لينين القضية من منظور معمّم فتساءل هل اليهود بشكل عام وفي كل زمان ومكان يشكلون قومية أم لا؟ وهل هناك خصوصية مقصورة عليهم؟ وهو في هذا يشير إلى فكرة الديانة اليهودية لا فكرة الأمة وحسب، هذه الفكرة التي تدعو إلى تخصيص اليهود وتمييزهم عن باقي شعوب العالم. ولحل هذه المشكلة رأى لينين بأنه يجب دمج اليهود في المجتمع وجعلهم ينخرطون في النضال الثوري إلى جانب المضطهدين من الطبقة العاملة وذلك للقضاء على الأفكار الدينية اليهودية من ناحية وتلقينهم الأفكار والقيم الثورية والعلمانية التي بواسطتها سيتم إلغاء الفكر الديني اليهودي الهدّام العنصري من ناحية ومن ناحية أخرى للقضاء على المجتمع البرجوازي اليهودي الذي كان يعتبره لينين الأخطر على الثورة البلشفية ولقد كان محقاً في فكرته هذه إذ كان البرجوازيين اليهود من أكبر وأوّل المموّلين لثورة الروس البيض في وجه الثورة البلشفية الحمراء لما فيها من خطر داهم على الفكر الديني اليهودي الذي يحمي مصالحهم. رأى لينين أنه ولا بد أن يذوب العمال اليهود في المجتمع الثوري الجديد وهذا هو الخط العام الكامن في حركة الاستنارة وفي كل الحلول الماركسية. ولهذاً أيضاً وقف لينين وتروتسكي موقف المعارضة الكاملة من فكرة القومية اليهودية العامة العالمية (الصهيونية). ولا يخرج ستالين عن الموقف العام للزعماء الماركسيين السابقين وهو إن اعترف بالدولة الصهيونية فيما بعد فذلك كان في إطار محاولة لإحداث شرخ دائم العلاقات الأميركية - العربية حول فلسطين فلقد كان السوفيات يدركون انهم لن يخسروا شيئاً في المنطقة لأنهم لا يملكون شيئاً على عكس الولايات المتحدة الأميركية التي ستخسر الكثير من جرّاء هذا الموقف. ولقند ظهر ذلك بشكل واضح لاحقاً حين أدرك السوفيات عدم جدوى قيام أي علاقة مع هذه الدولة الاستعمارية، -الأمر الذي أدركه في وقت سابق الزعيم الشيوعي اللبناني فرج الله الحلو- فقاموا بقطع العلاقات ودخلوا في تحالف مع العرب.
ولقد كان تروتسكي الزعيم الماركسي اليهودي هو الآخر ضد فكرة القومية اليهودية ولهذا فقد عارض الصهاينة وكان رأيه أن حل المسألة اليهودية لا يكمن في تأسيس دولة يهودية بين دول أخرى غير يهودية. الأمر الذي كان سبباً بين الأسباب التي أدّت إلى الخلاف مع ستالين الذي اعتقد أن هذا سيُبعد المشكلة اليهودية لبعض الوقت في حين كان بأمسّ الحاجة لبعض الوقت لتنظيم الثورة والدولة ولقد عاد وتبيّن لاحقاً فداحة الخطأ الذي وقع فيه وعاد ونسج العلاقات مع العرب كما ذكرت سابقاً.
ولقد تبنّى خروتشوف نفس الموقف المطلق الكلّي إذ تحدّث عن اليهود (في تعليق له بجريد الفيجاور في 9 نيسان 1959) بأنهم المسؤولون عن كافة المشاكل في المجتمعات منذ أقدم الأزمنة وهم لا يحبّون العمل الجماعي والانضباط الجماعي وهم في الواقع فرديون يعملون من أجل تحقيق مصالحهم الفردية الخاصة.