بين"شبيحة " سورية و "شبيحة " الاتحاد الأوروبي!
شارك
|
كتب: أيمن قحف
وصلني اليوم عبر البريد الالكتروني رسالة تتضمن النص الكامل للعقوبات الأوروبية على عدد من الشخصيات السورية،النص الأصلي باللغة الانكليزية.
صحيح أنني قرأت منذ أيام الخبر وتابعت سيل الأخبار بالأمس واليوم حول بدء سريان العقوبات وما قيل من تحليلات حول أحقيتها أو جدواها أو قيمتها الاقتصادية أو القانونية، ولكن تعاملت مع الأمر كما أتعامل مع التسريبات غير الواضحة وغير المؤكدة.
صحيح أنّ هناك عقوبات ولكن بقيت أشكّ بأنها ستصدر فعلاً، لأنني توقعت أن الأوروبيين لن يفعلوا ذلك...!
ولكن.. بعد قراءتي للنص الأصلي تيقنت أنها أصبحت أمراً واقعاً.
لن أخوض مثل غيري في التفاصيل فقد حظيت بنقاش واسع ، ولن أقلل من خطورة الموقف الأوروبي على صورة ومصالح سورية وعلاقاتها معهم، ولكنني سأتحدث من منطق شخص عرف أوروبا جيداً ،أحبها وأحبّ تاريخها وقيمها الإنسانية والأخلاقية وحضارتها، تعاملت مع الأوروبيين وعملت معهم، زرت معظم بلادهم بل ودخلت مراراً مباني المفوضية الأوروبية في بروكسل التي صدرت عنها حزمة العقوبات.
لذلك مرة أخرى أجد نفسي مصدوماً من الموقف الأوروبي الذي بدا أكثر تطرفاً من المواقف الأمريكية المعادية "تقليدياً".
لقد انساقت أوروبا مرة أخرى وراء المجهول، وراء بعضاً من ساستها " المهرجين "الذين أخرجوها من صورة العقل والاتزان ومنظومة القيم الأوروبية إلى صورة رعاة البقر أو من أسمتهم في عقوباتها "الشبيحة"...!!
حقيقة أحزن للدرك الذي أوصلت أوربا نفسها إليه ضدّ مصالحها وقيمها ومبادئها.
لست هنا أبداً في وارد الدفاع عن بلدي ومواقفها ونظامها السياسي فهذا أمر كتب علينا بحكم مفاهيم احترام السيادة الوطنية واحترام القيادة السياسية والثقة بها، واحترام رغبتها الصادقة بالإصلاح، ومعرفتنا أنها صدقت بالتعامل مع الداخل والخارج، وهو أمر يعرفه الأعداء قبل الأصدقاء وربما كان هو سبب غيظ المغرضين...!!
أريد فقد أن أنبه المواطن الأوروبي وعقلاء أوروبا إلى خطورة مايفعله بعض ساستها ومؤسساتها التي يفترض أن تمثله، فهل يقبل أي مواطن أوروبي أحبّ سورية أم لم يحبها، هل يقبل أن تكون أوروبا العريقة دمية وألعوبة في يد الآخرين، يملون عليها قراراتها وتوجهاتها ضد مصالحها...؟!
من يقرأ مشروع العقوبات الأولي وما ورد فيه من أخطاء بالأسماء والصفات يعرف تماماً أنهم تلقوا نسخة جاهزة اعتمدوها دون تدقيق لأنها أتت ضمن سياسة الإملاءات والتحريض، وعندما صدر القرار رسمياً تمّ تصحيح بعض الأسماء والصفات رغم وجود أخطاء شنيعة باقية...!! ولعل الفضيحة الكبرى في نص العقوبات "الرصين" استخدام مصطلح "الشبيحة" باللغة الانكليزية "shabeha" في معرض تبرير العقوبات على شخصيتين سوريتين بزعم أنهما يقودان ويمولان "قوات الشبيحة"...!
هل وصلنا إلى هذا الدرك في السياسة الأوروبية..؟!
أن يصدر قرار لا توجد له حيثيات ولا وجود لرأي الحكومة السوري التي ترتبط بعلاقات تاريخية مميزة مع أوروبا دولاً ومؤسسات..؟
هل أصبح "شهود العيان" الذين تعتمدهم الفضائيات مصادر المعلومات للدبلوماسية الأوروبية...؟
هل أصبحت "غريزة القطيع" تتحكم بقرار أقدم الديمقراطيات في العصر الحديث...؟
لم تعان أوروبا من الإرهاب إلا في حالات محدودة جداً ومع ذلك لديها أقصى إجراءات وقوانين مكافحة الإرهاب، لم تعان أوروبا من مظاهرات عنيفة ومع ذلك استخدمت فرنسا عندما كان ساركوزي وزيراً للداخلية وبريطانيا كاميرون وغيرها أقصى الأساليب للتعامل مع المظاهرات "السلمية" لمجرد أنها خرجت قليلاً عن ترخيصها...!!
لقد صدّقوا شهود العيان و "المنظمات الحقوقية" التي تتوالد كالفطر دون معرفة خلفياتها وهل هي حقوقية أم هواية فردية، أم جزء من منظومة استخبارية معادية لسورية..؟!
لقد ظهرت -وخاصة خلال الأيام الأخيرة- معطيات لا تقبل الشك حول طبيعة "التظاهر السلمي" الذي استيقظت أوروبا لتدافع عنه وعن الشعب السوري الذي طالما "أحبته" منذ احتلالها لبلاده وامتصاصها لخيراته وتقسيمها لبلاده، وتلاعبها بمصيره، وبيعها لمستقبله للإسرائيليين.
لقد ظهر أمام أوروبا والعالم معطيات يمكن لأي محقق مبتدئ أو مراقب فكيف بقاض نزيه أن يميز مابين الإرهاب المسلح الذي تقوم به عصابات منظمة وممولة من الخارج، ومابين التظاهر السلمي الذي هو حقّ للجميع..؟!
إنّ الوثيقة التي وصلتني اليوم كجهة إعلامية سورية سأحتفظ بها لأنها ستكون يوماً ما "وصمة عار" على جبين أوروبا وقادتها الذين أساؤوا لقيمها وغشوا شعوبها، واضرّوا لمصالحها، صحيح أنّ السياسة تحركها المصالح وهم يظنون أن مصلحتهم اليوم في مهاجمة سورية، ولكن من صاغ سياسة الجوار التي نشبهها بالعربية بالقول: "إذا كان جارك بخير فأنت بخير" لم يكن ليقصد "الفوضى الخلاقة" على حدود أوروبا، بل بناء سور من الأمان والسلام حولها، ولا ندري إن كان موقف أوروبا من سورية هو سياسة الجوار الجديدة التي يبنونها؟
لقد قدّر لي أن أزور معظم العواصم الأوروبية الهامة و أدخل قصورها الرئاسية والحكومية والوزارات الخارجية والبرلمانات مع الوفود الرسمية السورية، وكنا دائماً نصطدم بالصورة الخاطئة عن قضايا المنطقة وبلدنا وكان هناك تفهم في كثير من الأحيان عندما توضع الحقائق أمامهم وتزول الغشاوة، وهذا ماغيّر مسار العلاقات بعد توترها بسبب قضية اغتيال الحريري وانسياق أوروبا وراء التلفيق والتجييش، ومن ثم اكتشفوا أخطائهم، فعادت العلاقات إلى طبيعتها وتحسنت كثيراً.
اليوم يقعون في خطأ أكبر بكثير وفي ظلم يفترض أن الأخلاقيات الاوروبية لا تتقبلها، وبالتالي من الضروري جداً أن تتنبه الشعوب الأوروبية والحكومات إلى خطورة الوقوع في المحظور، فهناك آليات باحترام سيادة الدول وللتحقق من أية رواية، وللمعالجة مع احتساب خط الرجعة.
إن مصطلح "الشبيحة" ينطبق تماماً على السياسية الأوروبية وهذا القرار الذي يعدّ وفق المصلح السوري "تشبيحاً "لا لبس فيه..!
إن الحكومة السورية والشعب السوري الذي يُساء إليه في كل يوم سيجد الآليات الرصينة والهادئة والقانونية للرد ومعاقبة من يظلمونه ويحرضون على قتل أبنائه بعضهم لبعض وهم يتفرجون في الخارج، ومن المؤكد أن المصالح الأوروبية الاقتصادية وحتى السياسية ستتضرر نتيجة هذا الموقف بكل الأحوال، لأن المشكلة أصبحت مع الشعب وليس مع النظام، وإذا كان هناك مخطئون أو حتى "شبيحة" فلن ننتظر حتى تأتي أوروبا لتعاقبهم فنحن أقدر على ذلك..
أرجو أن لا "يزعل" ساسة أوروبا مني فيضيفون اسمي إلى قائمة عقوباتهم على اعتبار أنني أمارس "التشبيح" الفكري والإعلامي!
و أشدد في الختام مجدداً أنني كمواطن سوري يحب بلده وكل مواطنيها أكتب هنا أيضاً من محبتي لأوروبا ، واحترامي لحضارتها وقيمها ..
بورصات وأسواق العدد
شارك
|
كتب: أيمن قحف
وصلني اليوم عبر البريد الالكتروني رسالة تتضمن النص الكامل للعقوبات الأوروبية على عدد من الشخصيات السورية،النص الأصلي باللغة الانكليزية.
صحيح أنني قرأت منذ أيام الخبر وتابعت سيل الأخبار بالأمس واليوم حول بدء سريان العقوبات وما قيل من تحليلات حول أحقيتها أو جدواها أو قيمتها الاقتصادية أو القانونية، ولكن تعاملت مع الأمر كما أتعامل مع التسريبات غير الواضحة وغير المؤكدة.
صحيح أنّ هناك عقوبات ولكن بقيت أشكّ بأنها ستصدر فعلاً، لأنني توقعت أن الأوروبيين لن يفعلوا ذلك...!
ولكن.. بعد قراءتي للنص الأصلي تيقنت أنها أصبحت أمراً واقعاً.
لن أخوض مثل غيري في التفاصيل فقد حظيت بنقاش واسع ، ولن أقلل من خطورة الموقف الأوروبي على صورة ومصالح سورية وعلاقاتها معهم، ولكنني سأتحدث من منطق شخص عرف أوروبا جيداً ،أحبها وأحبّ تاريخها وقيمها الإنسانية والأخلاقية وحضارتها، تعاملت مع الأوروبيين وعملت معهم، زرت معظم بلادهم بل ودخلت مراراً مباني المفوضية الأوروبية في بروكسل التي صدرت عنها حزمة العقوبات.
لذلك مرة أخرى أجد نفسي مصدوماً من الموقف الأوروبي الذي بدا أكثر تطرفاً من المواقف الأمريكية المعادية "تقليدياً".
لقد انساقت أوروبا مرة أخرى وراء المجهول، وراء بعضاً من ساستها " المهرجين "الذين أخرجوها من صورة العقل والاتزان ومنظومة القيم الأوروبية إلى صورة رعاة البقر أو من أسمتهم في عقوباتها "الشبيحة"...!!
حقيقة أحزن للدرك الذي أوصلت أوربا نفسها إليه ضدّ مصالحها وقيمها ومبادئها.
لست هنا أبداً في وارد الدفاع عن بلدي ومواقفها ونظامها السياسي فهذا أمر كتب علينا بحكم مفاهيم احترام السيادة الوطنية واحترام القيادة السياسية والثقة بها، واحترام رغبتها الصادقة بالإصلاح، ومعرفتنا أنها صدقت بالتعامل مع الداخل والخارج، وهو أمر يعرفه الأعداء قبل الأصدقاء وربما كان هو سبب غيظ المغرضين...!!
أريد فقد أن أنبه المواطن الأوروبي وعقلاء أوروبا إلى خطورة مايفعله بعض ساستها ومؤسساتها التي يفترض أن تمثله، فهل يقبل أي مواطن أوروبي أحبّ سورية أم لم يحبها، هل يقبل أن تكون أوروبا العريقة دمية وألعوبة في يد الآخرين، يملون عليها قراراتها وتوجهاتها ضد مصالحها...؟!
من يقرأ مشروع العقوبات الأولي وما ورد فيه من أخطاء بالأسماء والصفات يعرف تماماً أنهم تلقوا نسخة جاهزة اعتمدوها دون تدقيق لأنها أتت ضمن سياسة الإملاءات والتحريض، وعندما صدر القرار رسمياً تمّ تصحيح بعض الأسماء والصفات رغم وجود أخطاء شنيعة باقية...!! ولعل الفضيحة الكبرى في نص العقوبات "الرصين" استخدام مصطلح "الشبيحة" باللغة الانكليزية "shabeha" في معرض تبرير العقوبات على شخصيتين سوريتين بزعم أنهما يقودان ويمولان "قوات الشبيحة"...!
هل وصلنا إلى هذا الدرك في السياسة الأوروبية..؟!
أن يصدر قرار لا توجد له حيثيات ولا وجود لرأي الحكومة السوري التي ترتبط بعلاقات تاريخية مميزة مع أوروبا دولاً ومؤسسات..؟
هل أصبح "شهود العيان" الذين تعتمدهم الفضائيات مصادر المعلومات للدبلوماسية الأوروبية...؟
هل أصبحت "غريزة القطيع" تتحكم بقرار أقدم الديمقراطيات في العصر الحديث...؟
لم تعان أوروبا من الإرهاب إلا في حالات محدودة جداً ومع ذلك لديها أقصى إجراءات وقوانين مكافحة الإرهاب، لم تعان أوروبا من مظاهرات عنيفة ومع ذلك استخدمت فرنسا عندما كان ساركوزي وزيراً للداخلية وبريطانيا كاميرون وغيرها أقصى الأساليب للتعامل مع المظاهرات "السلمية" لمجرد أنها خرجت قليلاً عن ترخيصها...!!
لقد صدّقوا شهود العيان و "المنظمات الحقوقية" التي تتوالد كالفطر دون معرفة خلفياتها وهل هي حقوقية أم هواية فردية، أم جزء من منظومة استخبارية معادية لسورية..؟!
لقد ظهرت -وخاصة خلال الأيام الأخيرة- معطيات لا تقبل الشك حول طبيعة "التظاهر السلمي" الذي استيقظت أوروبا لتدافع عنه وعن الشعب السوري الذي طالما "أحبته" منذ احتلالها لبلاده وامتصاصها لخيراته وتقسيمها لبلاده، وتلاعبها بمصيره، وبيعها لمستقبله للإسرائيليين.
لقد ظهر أمام أوروبا والعالم معطيات يمكن لأي محقق مبتدئ أو مراقب فكيف بقاض نزيه أن يميز مابين الإرهاب المسلح الذي تقوم به عصابات منظمة وممولة من الخارج، ومابين التظاهر السلمي الذي هو حقّ للجميع..؟!
إنّ الوثيقة التي وصلتني اليوم كجهة إعلامية سورية سأحتفظ بها لأنها ستكون يوماً ما "وصمة عار" على جبين أوروبا وقادتها الذين أساؤوا لقيمها وغشوا شعوبها، واضرّوا لمصالحها، صحيح أنّ السياسة تحركها المصالح وهم يظنون أن مصلحتهم اليوم في مهاجمة سورية، ولكن من صاغ سياسة الجوار التي نشبهها بالعربية بالقول: "إذا كان جارك بخير فأنت بخير" لم يكن ليقصد "الفوضى الخلاقة" على حدود أوروبا، بل بناء سور من الأمان والسلام حولها، ولا ندري إن كان موقف أوروبا من سورية هو سياسة الجوار الجديدة التي يبنونها؟
لقد قدّر لي أن أزور معظم العواصم الأوروبية الهامة و أدخل قصورها الرئاسية والحكومية والوزارات الخارجية والبرلمانات مع الوفود الرسمية السورية، وكنا دائماً نصطدم بالصورة الخاطئة عن قضايا المنطقة وبلدنا وكان هناك تفهم في كثير من الأحيان عندما توضع الحقائق أمامهم وتزول الغشاوة، وهذا ماغيّر مسار العلاقات بعد توترها بسبب قضية اغتيال الحريري وانسياق أوروبا وراء التلفيق والتجييش، ومن ثم اكتشفوا أخطائهم، فعادت العلاقات إلى طبيعتها وتحسنت كثيراً.
اليوم يقعون في خطأ أكبر بكثير وفي ظلم يفترض أن الأخلاقيات الاوروبية لا تتقبلها، وبالتالي من الضروري جداً أن تتنبه الشعوب الأوروبية والحكومات إلى خطورة الوقوع في المحظور، فهناك آليات باحترام سيادة الدول وللتحقق من أية رواية، وللمعالجة مع احتساب خط الرجعة.
إن مصطلح "الشبيحة" ينطبق تماماً على السياسية الأوروبية وهذا القرار الذي يعدّ وفق المصلح السوري "تشبيحاً "لا لبس فيه..!
إن الحكومة السورية والشعب السوري الذي يُساء إليه في كل يوم سيجد الآليات الرصينة والهادئة والقانونية للرد ومعاقبة من يظلمونه ويحرضون على قتل أبنائه بعضهم لبعض وهم يتفرجون في الخارج، ومن المؤكد أن المصالح الأوروبية الاقتصادية وحتى السياسية ستتضرر نتيجة هذا الموقف بكل الأحوال، لأن المشكلة أصبحت مع الشعب وليس مع النظام، وإذا كان هناك مخطئون أو حتى "شبيحة" فلن ننتظر حتى تأتي أوروبا لتعاقبهم فنحن أقدر على ذلك..
أرجو أن لا "يزعل" ساسة أوروبا مني فيضيفون اسمي إلى قائمة عقوباتهم على اعتبار أنني أمارس "التشبيح" الفكري والإعلامي!
و أشدد في الختام مجدداً أنني كمواطن سوري يحب بلده وكل مواطنيها أكتب هنا أيضاً من محبتي لأوروبا ، واحترامي لحضارتها وقيمها ..
بورصات وأسواق العدد