أكثر من سبعة عقود وهو يؤدي التراث الشعبي في مدينة "النبك"، ويغني
وراء المنابر مقدماً بصوته "الزجل والمعنى والقرادي" والألوان التراثية،
حتى عرف "جرجس مرشاق" الملقب بـ"أبو داوود" في جميع أنحاء القطر بصوته
وارتجالاته الشعرية ومقابلته الشعراء، ليضيف إلى شخصيته لقب الشاعر الأول
في "القلمون"، ويتسلم مخترة "النبك" منذ عشرين عاماً حتى تاريخه.
مذ كان في عقده الأول وهو يغني الشعر في الحفلات والسهرات الاجتماعية
فهو من مواليد "النبك" عام 1923، تعلم في مدارسها، وأقام مع أرضها علاقة
الصدق فأكسبها من عرقه وتعبه ومنحته من خيرها وعطائها الكثير وهو يقول
لموقع مدونة موسيقا: «أرض "النبك" فيها عبق خاص في داخلي، لأنني مذ تعلمت
في مدارسها البروتستانتية اللغة العربية، أعمل بها وأقول الشعر، الأهم أنها
منحتني عزة النفس والكبرياء، لذلك كانت علاقتي معها علاقة محبة ومودة،
لأنني بعد عودتي من عملي في الأرض نذهب إلى الحفلات والسهرات الاجتماعية
التي من شأنها أن تغذي العقل والفكر، بالأدب والشعر».
وإذا كان لكل مبدع أن يتأثر من محيطه بعوامل داخلية أو خارجية، خاصة في
بداية طريقه الأدبي والفكري والثقافي، فلابد من مشجع وشاحن بعد وجود
الموهبة واكتشافها فيقول الشاعر المعمر "جرجس مرشاق": «أول ما بدأت في نظم
الشعر من "الشروقي الزجلي والمعنى والعتابا" وأنا في سن مبكرة (حوالي 11
عاماً)، أخذ بيدي رجل اسمه "نايف زيحمان" شجعني كثيراً وبدأ يأخذني إلى
الحفلات لأغني معه، وفي أول حفلة شاركت بها ردد الحضور عبارة "ما أجمل
صوته" حتى أصبحت تقليداً على ألسنة أهل المدينة بعد كل حفلة، وبعد
أن كسرت حاجز اللقاء مع الناس في الغناء أمامهم زادت ثقتي بنفسي أكثر
في امتلاك ناصية نظم الشعر الارتجالي وبدأت بالاتصال مع الشعراء المجاورين
لمدينتي وصولاً إلى المنطقة الشمالية والوسطى والشرقية والجنوبية من سورية
حتى وصلت إلى شعراء لبنان بعد أن التقيت مع العديد منهم أهمهم "شاكر
سليمان" وغيره من الشعراء الذين كانوا يشاركون في جوقات الزجل».
وعلى الرغم من أنه بدأ بتجواله وترحاله بين مدينته والمناطق التي تدعوه
للغناء فيها إلا أنه لم يتخل عن رزقه وقوته اليومي وتربية أولاده، فها هو
ولده "أمين" يكتسب منه قول الشعر ويتعلم الموسيقا وهو يقول: «في كل حفلة
أعود منها ليلاً، أنهض باكراً قاصداً بستاني لأعمل في حراثتها وتقليم
الأشجار وما تحتاجه من مستلزمات، ونتيجة ضيق الحالة المادية سافرت لمدة ست
سنوات إلى "الكويت"، عدت والقلب مفعم بحب "النبك" وأهلها واللقاءات
الشعرية».
حتى يتم تفاعل الشعر وتحريض قريحة الشاعر لابد له من اللقاءات الدائمة التي
تجمعه وشعراء الكلمة المحكية، إذ بات "أبو داوود" يبني علاقاته من خلال
مشاركاته في الحفلات الاجتماعية والمناسبات الوطنية، لا بل تجاوز محليته
ليستضيف شعراء الزجل المعروفين من لبنان بجوقة القلعة المعروفة التي يرأسها
الشاعر "موسى
زغيب" وبصحبته ثلاثة شعراء "أحمد السيد" و"جرجس البستاني" و"بطرس ديب"، وهو يرحب بهم بالعتابا.
ويتابع قائلاً: «بدأنا في المحاورة وبعد جولة بسيطة من العتابا طلب "موسى
زغيب" مني أن أتراجع في القول لأنهم متفقون على موضوع الغناء، وهم غير
مستعدون لقول العتابا في هذه الغزارة».
ويتابع بالقول: «لم يكن يسمح لنا من قبل كبار الضيعة أن نغني الغزل بشكل
مباشر حتى إذا أردنا أن نقول عيونِك، نقولها عيونَك، مع أننا كنا وقبل
البدء بالغناء نتسلم ورقة من صاحب الحفلة مفادها رغبته أن نقول على موضوع
معين يطلبه بنفسه مثل "صيف وشتاء" "أبيض وأسود" وغيرها من المواضيع وذلك
لامتحاننا في الارتجال، حتى ابتعد كثير من الشعراء المعروفين عن معاودة
زيارة "النبك"».
ربما كانت شهادة أبناء الجيل الواحد هي الأصدق والأقرب إلى المنطقية، خاصة
وإذا كانوا من مدينة واحدة وبنفس الوقت يغنون سوية، فقد رافقه في الحفلات
عازف الرباب "مصطفى غنام غنام" أكثر من ستة عقود من الزمن في حفلات شتى وهو
يقول: «مضى على رفقتنا ستون عاماً، لم نعد يوماً من حفلاتنا منزعجين أو
خسرانين في جولاتنا الشعرية فهو يملك قريحة شعرية قل نظيرها، حتى كلما
دخلنا في
قرية يرددون جاء شاعر "القلمون" الأول، ليس لأنه
شاعر من مستوى رفيع فحسب بل لأنه يملك صوتاً جميلاً وقوياً وأنغاماً
ومقامات عديدة، حتى يرددون الناس "ما أجمل صوته" ومازلنا ونحن في عقدنا
التاسع من عمرنا ما زلنا نشارك سوية».
يذكر أن المختار والفنان"جرجس مرشاق" المعروف بـ "أبو داوود" ما زال يشارك
في المناسبات الاجتماعية، وقد علم وسلم إرثه الفني لأولاده من بعده وخاصة
ابنه "أمين" الموسيقي والشاعر.
وراء المنابر مقدماً بصوته "الزجل والمعنى والقرادي" والألوان التراثية،
حتى عرف "جرجس مرشاق" الملقب بـ"أبو داوود" في جميع أنحاء القطر بصوته
وارتجالاته الشعرية ومقابلته الشعراء، ليضيف إلى شخصيته لقب الشاعر الأول
في "القلمون"، ويتسلم مخترة "النبك" منذ عشرين عاماً حتى تاريخه.
|
مذ كان في عقده الأول وهو يغني الشعر في الحفلات والسهرات الاجتماعية
فهو من مواليد "النبك" عام 1923، تعلم في مدارسها، وأقام مع أرضها علاقة
الصدق فأكسبها من عرقه وتعبه ومنحته من خيرها وعطائها الكثير وهو يقول
لموقع مدونة موسيقا: «أرض "النبك" فيها عبق خاص في داخلي، لأنني مذ تعلمت
في مدارسها البروتستانتية اللغة العربية، أعمل بها وأقول الشعر، الأهم أنها
منحتني عزة النفس والكبرياء، لذلك كانت علاقتي معها علاقة محبة ومودة،
لأنني بعد عودتي من عملي في الأرض نذهب إلى الحفلات والسهرات الاجتماعية
التي من شأنها أن تغذي العقل والفكر، بالأدب والشعر».
وإذا كان لكل مبدع أن يتأثر من محيطه بعوامل داخلية أو خارجية، خاصة في
بداية طريقه الأدبي والفكري والثقافي، فلابد من مشجع وشاحن بعد وجود
الموهبة واكتشافها فيقول الشاعر المعمر "جرجس مرشاق": «أول ما بدأت في نظم
الشعر من "الشروقي الزجلي والمعنى والعتابا" وأنا في سن مبكرة (حوالي 11
عاماً)، أخذ بيدي رجل اسمه "نايف زيحمان" شجعني كثيراً وبدأ يأخذني إلى
الحفلات لأغني معه، وفي أول حفلة شاركت بها ردد الحضور عبارة "ما أجمل
صوته" حتى أصبحت تقليداً على ألسنة أهل المدينة بعد كل حفلة، وبعد
|
مع رفيقه عازف الربابة مصطفى غنام |
في امتلاك ناصية نظم الشعر الارتجالي وبدأت بالاتصال مع الشعراء المجاورين
لمدينتي وصولاً إلى المنطقة الشمالية والوسطى والشرقية والجنوبية من سورية
حتى وصلت إلى شعراء لبنان بعد أن التقيت مع العديد منهم أهمهم "شاكر
سليمان" وغيره من الشعراء الذين كانوا يشاركون في جوقات الزجل».
وعلى الرغم من أنه بدأ بتجواله وترحاله بين مدينته والمناطق التي تدعوه
للغناء فيها إلا أنه لم يتخل عن رزقه وقوته اليومي وتربية أولاده، فها هو
ولده "أمين" يكتسب منه قول الشعر ويتعلم الموسيقا وهو يقول: «في كل حفلة
أعود منها ليلاً، أنهض باكراً قاصداً بستاني لأعمل في حراثتها وتقليم
الأشجار وما تحتاجه من مستلزمات، ونتيجة ضيق الحالة المادية سافرت لمدة ست
سنوات إلى "الكويت"، عدت والقلب مفعم بحب "النبك" وأهلها واللقاءات
الشعرية».
حتى يتم تفاعل الشعر وتحريض قريحة الشاعر لابد له من اللقاءات الدائمة التي
تجمعه وشعراء الكلمة المحكية، إذ بات "أبو داوود" يبني علاقاته من خلال
مشاركاته في الحفلات الاجتماعية والمناسبات الوطنية، لا بل تجاوز محليته
ليستضيف شعراء الزجل المعروفين من لبنان بجوقة القلعة المعروفة التي يرأسها
الشاعر "موسى
|
مع العتابا |
ويتابع قائلاً: «بدأنا في المحاورة وبعد جولة بسيطة من العتابا طلب "موسى
زغيب" مني أن أتراجع في القول لأنهم متفقون على موضوع الغناء، وهم غير
مستعدون لقول العتابا في هذه الغزارة».
ويتابع بالقول: «لم يكن يسمح لنا من قبل كبار الضيعة أن نغني الغزل بشكل
مباشر حتى إذا أردنا أن نقول عيونِك، نقولها عيونَك، مع أننا كنا وقبل
البدء بالغناء نتسلم ورقة من صاحب الحفلة مفادها رغبته أن نقول على موضوع
معين يطلبه بنفسه مثل "صيف وشتاء" "أبيض وأسود" وغيرها من المواضيع وذلك
لامتحاننا في الارتجال، حتى ابتعد كثير من الشعراء المعروفين عن معاودة
زيارة "النبك"».
ربما كانت شهادة أبناء الجيل الواحد هي الأصدق والأقرب إلى المنطقية، خاصة
وإذا كانوا من مدينة واحدة وبنفس الوقت يغنون سوية، فقد رافقه في الحفلات
عازف الرباب "مصطفى غنام غنام" أكثر من ستة عقود من الزمن في حفلات شتى وهو
يقول: «مضى على رفقتنا ستون عاماً، لم نعد يوماً من حفلاتنا منزعجين أو
خسرانين في جولاتنا الشعرية فهو يملك قريحة شعرية قل نظيرها، حتى كلما
دخلنا في
|
جرجس مرشاق أبو داوود |
شاعر من مستوى رفيع فحسب بل لأنه يملك صوتاً جميلاً وقوياً وأنغاماً
ومقامات عديدة، حتى يرددون الناس "ما أجمل صوته" ومازلنا ونحن في عقدنا
التاسع من عمرنا ما زلنا نشارك سوية».
يذكر أن المختار والفنان"جرجس مرشاق" المعروف بـ "أبو داوود" ما زال يشارك
في المناسبات الاجتماعية، وقد علم وسلم إرثه الفني لأولاده من بعده وخاصة
ابنه "أمين" الموسيقي والشاعر.