[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | ||
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بعد أن تجتاز خمسة عشر كيلو متراً في الوديان القاحلة.. وتصعد إلى سفوح جبال القلمون وتدهشك البادية باتساعها وقحطها.. تصل إلى بستان وارف الظلال.. عماده أشجار اللوز البري ثم المشمش والزيتون، إنه في حرم دير مارموسى الحبشي، وفي الطريق الصاعدة إليه على ارتفاع ألف وثلاثمئة متر!! وعلى الرغم من صغر البستان.. فإن قيمته الكبرى تكمن في رمزيته ودلالاته.. ولعل جدواه على هذا الصعيد مذهلة، إذ يتوق أن يكون قدوةً في المنطقة القاحلة الجافة ذات الأمطار الضئيلة 135 ملم فقط. منذ تسع سنوات.. طُرِح موضوع إقامة محمية زراعية رعوية في حرم "دير مار موسى الحبشي"، في سياق ندوة الربيع الأولى التي أقامها رئيس الدير الأب باولو داعياً كل فعاليات النبك وممثلين عن وزارة الزراعة ولا سيما مديرية الحراج. وعلى الرغم من ظهور معترضين على المحمية بحجة أنهم يملكون أسهماً في تلك الأرض أو أنهم من واضعي اليد عليها، زُرعت ونمت وكبرت.. وظل هؤلاء المعترضون يعرقلون مسار هذا العمل الخيّر على الرغم من أن مسوغاتهم واهية جداً.. إلا أن القانون يجيز لهم انتظار إنجاز أعمال التحديد والتحرير وحسم المسألة قضائياً، وفي سياق السعي إلى دعم هذا المشروع.. سُميت المحمية منطقة وقاية زراعية.. كي تحظى بالحماية.. وقِيل في هذه الندوة التاسعة "ندوة الربيع البيئية التاسعة": إن السيد وزير الزراعة أصدر قراراً نص على اعتبار تلك الأرض من حرم الدير محمية زراعية مما أبهج الجميع وفي المقدمة لجنة المحمية، التي تضم أغلب الفعاليات العامة والخاصة في النبك. تنمية المراعي وحمايتها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إذاً، غدت المحمية شرعيةً مئة بالمئة تطبق على من ينتهك حرمتها، ويحطب أشجارها تحطيباً جائراً.. ويطلق أغنامه أو ماعزه للرعي فيها، العقوبات القانونية، وهذاإنجاز كبير ليس للدير بل لمنطقة النبك ذات البادية الشاسعة.. لأن المحمية سوف تكبر وستغري على إقامة محميات أخرى ولا سيما وأن أشجار اللوز البري- القزمة- مقاومة للجفاف والصقيع ودرجات الحرارة المتدنية، علماً بأن المنطقة باردة جداً في الشتاء وغالباً ما تغطيها الثلوج. إن انتشار أشجار للوز البري والزيتون في تلك المنطقة.. سوف يؤمن مصدر دخل جيد للسكان، وسيحمي لتربة من الانجراف وسيساهم في تلطيف الجو وخفض الحرارة في الصيف. ولعل هذا لنجاح.. قاد إلى مشروع جديد يحتاج إلى ثلاث سنوات سوف تضطلع به الباحثة ريما الطرشة في سياق تحضيرها شهادة الدكتوراه في العلوم الزراعية. وفهمنا من حيثيات الندوة، التي انعقدت في 26/4/2006 أن الدير من جهته ومجلس مدينة النبك وبعضر الفعاليات في تلك المدينة إلى جانب جهات دولية مهتمة بالقضايا البيئية، قد وفّرت الدعم المالي لهذا المشروع. وقالت المهندسة الزراعية الباحثة ريما الطرشة في سياق محاضرة.. ألقتها حول هذا المشروع: إن بادية النبك مثال أنموذجي عن البادية السورية الشاسعة.. ولقد تعرضت لرعي جائر أفقدها الغطاء النباتي وقلص النباتات الرعوية منها، التي كانت منتشرةً بكثرة ومتلائمة مع الطقس والعوامل الطبيعية والمناخ. صحيح ..إن هذه البادية السورية ولا سيما في منطقة النبك تعاني من قلة الأمطار ومن ضحالة التربة غير الخصبة.. والزراعة فيها تقتصر على الهضاب قرب النبك إلا أن الرعي الجائر أدى إلى التدهور البيئي الشديد مما أحدث خللاً شديداً على صعيد التنوع الحيوي النباتي ولا سيما الرعوي. ويهدف البحث إلى الحفاظ على جميع مكونات النظام البيئي من حيوان ونبات وإنسان بهدف الحصول على منتجات ملائمة للبشر، ولاستمرار حياتهم في المنطقة، أما أهم التعديات على التنوع الحيوي وعلى البيئة فهي : أ- حراثة المراعي وهذا محرم لأن تربتها ضحلة. ب- الرعي الزائد عن الحد والجائر. وتركز الباحثة على حجر الزاوية في المشروع.. ألا وهو أنه منذ عشرة آلاف سنة لم تتغير كميات الأمطار التي هطلت وما تزال تهطل على البادية السورية ومنطقة النبك تحديداً.. مما يؤكد أن التدهور البيئى الراهن ليس محصلةً للجفاف، وإنما للرعي الزائد والجائر.. زائد عن ماذا ..؟ تقول: عن الحد المعقول والمقبول والطبيعي، لهذه البادية قدرة محددة ولا يجوز أن نجور عليها. لكننا نود أن نضاعف ثروتنا الغنمية وهذا مطلب حق فماذا نفعل ..؟ تقول: أول ما يجب فعله أن نحمي بقاعاً من البادية وأن نزرعها بنباتات البيئة الأصلية، وهكذا تكثر وتنمو بكثافة، ويصبح بإمكاننا تربية المزيد من الأغنام أما في الواقع الحالي فهذا محال. ويؤكد كلامها الراعي (أبو لطفي) الذي وقف في الندوة وقال: الرعي عندنا جائر مما يفاقم قلة الأمطار، ونريد من وزارة الزراعة العلف والماء. مركز الزوار لقد جرى يوم 26/4/2006 وضع حجر الأساس لمركز الزوار للمحمية والدير ومنطقة الوقاية الحراجية، وسيشكّل هذا المركز نقلةً حضاريةً.. ولعله أقرب إلى المنتجع المخدم للسياحة الشعبية الكثيفة جداً على امتداد عشرات الكيلومترات في الربيع.. بدءاً من مدخل الدير وانتهاءً بالامتداد الشاسع للبادية على مدى عدة كيلو مترات. وثمة نواة الآن لهذا المركز إذ أُقيم بناء للمغاسل والمراحيض للنساء والرجال وأقيم بناء آخر لعقد الندوات واللقاءات وجرى تأمين مياه الشرب عبر صنابير عامة ووُضعِت براميل للقمامة، ومن المقرر تزويد المركز بأجهزة الطاقة الشمسية لتوفير الماء الساخن والتدفئة في الشتاء. ويقول الأب باولو وهو راهب إيطالي.. جاء إلى سورية في عام 1982 وكان قد أنهى للتو دراسة "اللاهوت".. وسجل في كلية الشريعة جامعة دمشق للاطلاع بشكل علمي أكاديمي على الدين الإسلامي، وأعجب بسورية وبدير مار موسى الحبشي في النبك الذي يعود إلى ألف وأربعمئة سنة مضت فقرر البقاء فيه وإعادة ترميمه وبنى ديرين إلى جانبه معتمداً على "تلفريك" بدائي صممه خصيصاً لنقل الحجارة والحديد والخشب والإسمنت إلى قمة الجبل على ارتفاع 1300 متر، وحظي بدعم أهل النبك والسلطات المحلية والمركزية فزود الدير بطريق ممتازة.. وكان السياح يجتازون المسافة إليه سيراً على الأقدام ثم حفر بئراً وأمّن الماء واقتنى محركآ كهربائيا. فغدا الدير وكنيسته مزارين أكثر قدرةً على جذب عشرات ألوف السياح سنوياً. يقول الأب باولو: إن مركز الزوار هو ملك للوطن لسورية وسوف تديره لجنة عينتها وزارة الزراعة سيكون بمثابة مركز سياحي بيئي وجنة أحباء الله، جنة الوئام الروحي التي نفخر بها في سورية. وقال: إن المركز سيشاد على أراضي أملاك الدولة التي قدمتها وزارة الزراعة أما أراضي الخواص كلها اعتراضات.. فإذا ما رغب ملاكها في زراعتها فأهلاً وسهلاً، وإذا لم يرغبوا فهم أحرار. وقال رئيس مجلس مدينة النبك السيد خليل الموسى: لقد قاد قرار وزارة الزراعة بإحداث محمية في دير مارموسى الحبشي.. إلى تشكيل لجنة محمية الدير للعمل على تطويرها والاستمرار بتوسيعها. وأوضح المهندس الزراعي نورس الأبرص ممثل لجنة أصدقاء النبك أن اللجنة قابلت السيد وزير الزراعة الدكتور عادل سفر، ولمست لديه دعماً غير محدود. وأوضح د. غسان النابلسي الباحث في هيئة البحوث الزراعية في سياق محاضرة في تلك الندوة أنه يوجد 3459 نوعاً نباتياً برياً.. ينتمي إلى 130 عائلةً.. و460 جنساً نباتياً وكلها موجودة في سورية بدءاً من منسوب أمطار 60مم وحتى 1800 مم.. واقترح للمحمية وللمنطقة بشكل عام الأجاص البري والتفاح المطعّم واللوز البري. جهد خير إن هذه الندوة السنوية إضاءة على جهد خير توافرت له قلوب مخلصة لسورية الخضراء المزدهرة، وهمم عالية متحمسة لأداء طوعي يصون البيئة والغطاء النباتي، ويعيد إلى جبالنا أشجارها وهذا كله جدير بالثناء والتقدير. البعث - تحقيق: محرر صفحة البيئة |
فإن نطقت بخيـر فهو لشخصك إحسانا . . . وإن نطقت بشر فهو على شخصك نكرانا
وإن بقيت بين إخوتك فنحـن لك أعوانـا . . . وإن غادرت فنحن لك ذاكرين فلا تنسـانــا
خالد نصر
انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل