مشروعك الرمضاني |
مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي |
هل فكرت في مشروعك الرمضاني ؟ أم لا زلت تنتظر تباريك الشهر بعد ؟! هل عزمت النية هذا العام أن تكتب لنفسك مشروعاً يعبر عن شخصيتك ويكتب عن أثرك في الأرض أم لا زلت تائهاً لم تحدد شيئاً بعد ؟ هاهو شهر رمضان هل من جديد ، وبدأت الخطوات الأولى فيه ، وهاهو بروحه ومشاعره وآثاره وصفاء ليله نهاره أكبر من أن يتحدث عنه إنسان ! وها أنت ما زلت حياً وغيرك رحل ! ومعافاً وغيرك مريض ، وحراً طليقاً وغيرك في غياهب السجون فماذا تنتظر ؟! . إنني أود أن أقول لك إنك طاقة هائلة ، وقدرات مكنونة ، وإرادة قوية مستكنة في نفسك ، ورمضان الوقت المناسب لتفجير هذه الطاقات ، وإطلاق هذه القدرات ، وفسح المجال لإرادة قلبك ومشاعر حياتك أن تحلّق بهمومك إلى المعالي . إن رمضان فرصة قد لا يتكرر في تاريخ إنسان كونه في العام مرة واحدة ، وزمنه محدود ، وروح الإنسان ومشاعره في أيامه قابلة للتحليق إلى أوسع طاقات الإنسان وقدراته ، وهو كذلك أكبر من أن يستهلك في أعمال بسيطة ، وجهود غير مرتبة ، وأولويات غير منتظمة ، ومن هنا جاء الحديث معنوناً " بمشروعك الرمضاني " إننا نحتاج منك إلى مشروع تقف فيه أولاً مع نفسك وترتب أولوياتك وتستعرض فيه عدداً من المشاريع الممكنة وتمايز بينها على قدر حجمها وأثرها على نفسك وواقعك ثم تختار مشروعك الرمضاني المناسب . إن تحديدك لمشروعك الرمضاني يجعلك ترتّب أولوياتك في شهر رمضان وتستنفر كل طاقاتك لتحقيق هذا المشروع ، ويجعل لك هدفاً عريضاً تسعى لتحقيقه وتشعر بعد ذلك بأهميته .. وكم هي الأعوام التي عانقنا فيها رمضان وبكينا فيها أسفاً لفوات حظنا منه ليلة العيد ؟! إن مشروعك يمكن أن يكون توبة خالصة لله تعالى ، تقبل في هذا الشهر على إعلان عزك بالهداية ، وتميزك بالاستقامة ، وتعلن فيها أنك حر من ضغط الأصدقاء ورغبات الأخلاء وتتجرد من كل شهواتك العارضة لتكون في هذا الشهر إنساناً كبيراً بهمه وهدفه ورسالته ، وتعود أنت بذاتك مشروعاً كبيراً في مشروعات الأمة. وكم من إنسان ألبسه رمضان أعظم حلل التوفيق ، وأخرجه يوم العيد في أبهى مباهج الأفراح ؟! ولو لم يكن من ذلك إلا أفراح قلبك وسمو روحك لكان كافياً فكيف إذا علمت حديث رسولك صلى الله عليه وسلم وهو يصف أثر توبتك على ربك " لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا و به مهلكه و معه راحلته عليها طعامه و شرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ و قد ذهبت راحلته فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر و العطش قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده عليها زاده : طعامه و شرابه ! فالله أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته و زاده " متفق عليه ويمكن أن يكون مشروعك " تجديد الصلة بالله تعالى" ، فكثير من الناس يعيش شعثاً في وقته وعبادته وصلته بالله تعالى فليس له ورد محدد من صلاة أو صدقة أو قراءة قرآن أو بر وصلة ومعروف ، أو له ورد ثابت لكنه ورد ضعيف لا يرتقي لمعالم الكبار يمكنه أن يكون مشروعه الرمضاني " توثيق الصلة بالله تعالى " فيرتّب قبل دخول الشهر ورداً ثابتاً في هذا المشروع لا يتنازل عنه في أيام وليالي شهر رمضان كله ، وسيجد من صفاء قلبه ورقة مشاعره وحياة روحه ما لا تسعه مشاعر إنسان . ويمكن أن يكون مشروع الإنسان " تدبر كتاب الله تعالى " والوقوف على معاني آيات هذا القرآن العظيم ، والشرب من معينه الصافي ، بحيث يجعل له الإنسان أوقاتاً محددة لهذا المشروع بعد أن يحدد له كتباً من كتب التفسير تعينه على تحقيق مشروعه . ويمكن أن يكون مشروع الإنسان " تجديد الصلة بالكتاب " فيحدد عدداً من الكتب في فنه الذي يريد أن يتخصص فيه أو مشروعه الذي يريد أن يبنيه ويبدأ رحلة العلاقة بالكتاب من جديد ، ويمكنه أن يحدد الوقت المناسب والساعات التي يود أن يقضيها في مشروعه حتى يقف على نهايته كما أراد . ويمكن أن يكون مشروع الإنسان " إغاثة الفقراء والأيتام والأرامل والمساكين " والقيام على رعايتهم في هذا الشهر ، وإيصال كل صاحب فضل إليهم وترتيب أوضاعهم والقيام على خدمتهم . ويمكن أن يكون مشروع الإنسان تبني مشروعات دعوية وتربوية واجتماعية توصل رسالتها للناس في حلة مؤثرة وتكتب بآثارها أروع أحداث ترقبها الأمة في حياة أجيالها . ويمكن للإنسان أكثر من مشروع في رمضان فيكون الأصل " تجديد الصلة بالله تعالى وتحقيق التقوى التي أشار الله تعالى لها في شرعية رمضان بقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ثم يمضي بعد ذلك في تحقيق أهداف أخرى تمد في ذات الهدف العام وتصنع مشاريع أخرى كبرى في حياة إنسان . إن رمضان فرصة لإحداث نقلة مشاعرية وجسدية في حياتنا ، ونقلة لتجريب رحلة المشروع وأثره في أوقاتنا ، وفرصة أن نقف على الفرق الكبير بين العمل العشوائي غير المرتب ، وبين المشروع في حياة إنسان . وأذكّر أن القنـــاعة بالدون دنـــــــاءة .. وأردد هنــــــــــــــا قول القائـــــل : وتعظم في عين الصغير صغارها .. وتصغر في عين الكبير العظائم وأنه آن الوقت أن نخطو خطوات أكبر من الواقع الذي نعيشه حتى نحدث الأثر الذي ننشده ، وأجزم أن الوقت غير مناسب لتكرير مشاريع ميّتة أو مستهلكة أو مشاريع تجاوزها الواقع ولم يعد لها رصيد من التأثير ، أو حتى من غير المناسب أن نخوض مشاريع أقل من طاقاتنا بكثير . وأخيراً : أذكرك أن " مشروعك الرمضاني " هو صلتك الحقيقة بشهر رمضان ودليل قدرتك على تفجير طاقاتك ، وتحريك إرادتك وهمتك ، وإطلاق لقدراتك نحو مستقبلك العريض .. وستأتي إن شاء الله تعالى اللحظة التي تقف فيها على تكبيرات المسلمين بفوات رمضان ودخول العيد وقد كتبت في تاريخ حياتك أروع الأمثلة على قدرتك في إدارة مشروع حياتك . . ومديت في خطو الأمة خطوات واسعة إلى الأمام . |
فإن نطقت بخيـر فهو لشخصك إحسانا . . . وإن نطقت بشر فهو على شخصك نكرانا
وإن بقيت بين إخوتك فنحـن لك أعوانـا . . . وإن غادرت فنحن لك ذاكرين فلا تنسـانــا
خالد نصر
انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل