قيمة الشرف تتعلق بالذكر.. والأنثى لا تشعر أنه انتهك عرضها
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
شوكوماكو -
مجتمع مراة
عبد المنعم وادي /خاص شوكوماكو/
الجريمة والعقاب مفهومان لا يفترقان , والقانون هو الفيصل بينهما , لكن حين تتعدد مسميات الجريمة فان البعض يرى بانها تسعى بذلك للتلفت من العقاب والتلاعب بالقوانين , أملا بان تجد لفاعلها عذرا يبرر ما اقترفت يداه.
هي جرائم الشرف " اصطلاح يقصد منه الجرائم المرتكبة بذريعة الدفاع عن الشرف" , إذ لا يمكن للقتل أن يكون (شرفا ) بل أمر مرفوض , البعض يراها جريمة اجتماعية لانها ترتكب لإرضاء المحيط الاجتماعي كنوع من التضحية من اجل إعادة قبول العائلة المعنية في مجتمع قام برفضها بسبب سلوك احد إفرادها , فيما يفسرها بعض علماء الدين على ضوء النصوص الشرعية , إلى جانب تفاسير أخرى يقدمها اساتذة القانون الجزائي لتأخذ ( جريمة الشرف ) إبعادا أعمق وأوسع مما يجري الحديث عنه , حيث يجري تسطيحها باعتبارها جريمة ( دينية ) أو ( اجتماعية ) أو ( تخضع لقانون خاص ) .
في هذا التحقيق حاولنا طرق جميع الأبواب لنصل إلى جواب يغلق الباب على جرائم الشرف ويقف على حقيقتها.
إزهاق الروح جريمة عظمى ومعصية تستوجب القصاص
يرى الشيخ محمد عدنان الافيوني ان الشريعة قد بينت احكام قتل النفس بمراتبها الثلاث ,القتل العمد ,والقتل شبه العمد ,والقتل الخطأ , وعندما اطرت حكم ونوع كل منها ,لم تاخذ بعين الاعتبار أعذار مخففة أو غير مخففة .
فالحكم على حادثة القتل يرتبط بتوصيفها بإحدى هذه الاوصاف الثلاث , ومن هنا فان الشريعة عدت ازهاق الروح البشرية بالقتل بلا سبب ,جريمة عظمى ومعصية كبرى تستوجب القصاص ,ورتبت عليها جزاء بالغ الخطورة هو الخلود في نار جهنم كما في قوله تعالى "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " .
تنفيذ الحدود والعقوبات عند ثبوتها هو اختصاص الوالي
وبناء عليه فلا يوجد في الشريعة قتل مبرر بدافع الشرف ,لأن الحدود في الشريعة موصوفة بوقائع محدودة يقيمها الوالي او القاضي ,فان كانت هناك شبهة فلا حد ,وان لم يثبت الفعل فلا حد ,كما ان تنفيذ القصاص او الحدود او العقوبات عند ثبوت ما يستوجبها هو من اختصاص الوالي او من يعينه الوالي دون سواه بعد اقامة الحجة البينة والادلة الدامغة التي حددها الشرع الحنيف وهي :
اقامة البينة التامة على وقوع جريمة الزنى واقامة الحد بعد الثبوت من قبل القاضي او الحاكم ,واقامة البينة لا تتم الا بعد التحقق والتحقق يكون باحدى ثلاث ,وهي الاقرار من الزاني على نفسه بالزنى , ظهور الحمل من الزنى دون وجود زواج أو عقد شرعي ,وشهادة أربعة شهود عدول ,بان يقروا جميعا بشهادتهم مجتمعين على أنهم رأوا بالعين عملية الزنى تامة , فان جاؤوا متفرقين لم تقبل شهادتهم واقيم عليهم حد القذف لقوله تعالى "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا واؤلئك هم الفاسقون ".
ومن هنا فان الدين الاسلامي قد وضع ضوابط غاية في الصعوبة من حيث تحقيقها لاقامة الحد ,وليس الامر بهذه السهولة التي يعتقدها البعض وبالتالي لم يكن الاسلام ليبرر جرائم الشرف ,بل مرتكبها قاتل عن عمد ويطبق عليه حد القصاص قال تعالى " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا اليما " .
ردع الفواحش لا يكون بارتكاب وتبرير الجرائم
إن ردع الفواحش,كما يرى الشيخ الافيوني لا يكون, بتغير ألية الحكم الشرعي وإنما بمنع أسباب الوصول الى الفاحشة ,حتى تستطيع منع الفاحشة لا يكون ذلك من خلال تسهيل او تبرير الجريمة ,وانما بمنع الأسباب الموجبة او المسببة او المسهلة لقضية الفاحشة ,وهي الضبط الاعلامي او النشر الثقافي والتوعوي والايماني والاخلاقي والقيمي الذي هو ذخيرة تزخر بها أمتنا , فالفاحشة تقضى بالقيم والاخلاق والمثل وليس بالعنف والقتل .
صاحب الغبطة البطريرك أعناطيوس الرابع هزيم ,بطريارك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس
الانسان مخلوق الله ,ولا نقبل بأية طريقة أن تهان كرامة الانسان لأنه خليقة الله ,ونحن ضد جريمة القتل مهما كانت المسميات ,ويمكنك أن تقرا في الانجيل حادثة "الزانية أمام يسوع": "وأحضر إليه معل�'مو الشريعة والفريسيون امرأةً ضُبطت تزني، وأوقفوها في الوسط، وقالوا له: "يا معلم، هذه المرأة ضُبِطَت وهي تزني، وقد أوصانا موسى في شريعته بإعدام أمثالها رجماً بالحجارة فما قولك أنت؟ فاعتدل وقال لهم: "من كان بلا خطيئة فليرجمها أولاً بحجر، فلما سمعوا هذا الكلام انسحبوا جميعا واحداً تلو الآخر وبقي يسوع وحده والمرأة واقفة مكانها فاعتدل وقال لها:
"وأين هم أيتها المرأة ؟ ألم يحكم عليك أحد منهم." أجابت لا أحد يا سيدي.
فقال لها: "و أنا لا أحكم عليك، إذهبي ولا تعودي تخطئين "
لم يقدم المشرع العذر لارتكاب الجريمة كما يراه البعض ,لانه جعل اركانا لهذا (العذر ) .
أستاذ القانون الجزائي في جامعة دمشق الدكتور حسام الدين ساريج يرى انه لا بد لمن يقرا نص المواد القانونية ان يكون موضوعيا, فبعض المواد يساء استخدامها كما في المادة رقم (1) من المرسوم التشريعي رقم (37) للعام (2009 ) والتي تنص : ( يستفيد من العذر المخفف من فاجأ زوجه او احد اصوله او فروعه او اخته في جرم الزنا المشهود او في صلات جنسية فحشاء مع شخص اخر فاقدم على قتلهما او ايذائهما او على قتل او ايذاء احدهما بغير عمد على ان لا تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتين في القتل ) ففي هذه المادة لم يقدم المشرع العذر لارتكاب الجريمة كما يراه البعض ,لان المشرع جعل اركانا لهذا (العذر ) اهمها المفاجأة وعامل الزمن .
فمن قتل على سبيل المثال (معتقدا ) ان زوجه كانت مع رجل اخر ,لايستفيد من هذا العذر واذا كان يعتقد ذلك بنسبة 90% او 50% او حتى 1% فانه لا يستفيد من العذر المخفف في نص هذه المادة .
الأمر الثاني هو قتلهما في الحال وهذا شرط ضروري اضافة الى عنصر المفاجأة ,فلو كان هنالك فاصلا زمنيا كما حدث في احد الحوادث في مصر بان ساوم القاتل الضحية وبعد ذلك اطلق النار , فانه لا يستفيذ من الغذر المخفف في هذه الحالة.
القانون الجزائي يحمي القيم والمصالح
وأكد الدكتور ساريج أن وجهة نظر المشرع حين سن هذه المادة تأتي من ان القانون يهتم بحماية مصالح أساسية لا يمكن للمجتمع أن يوجد بدونها , فالقانون الجزائي يحمي القيم والمصالح وهذه القيم والمصالح لا تتضرر إلا إذا توافر لدى الجاني القصد , فهذا الرجل الذي (فجأة ) زوجه أو أمه أو أخته مع آخر ( شل ) تفكيره ولم يكن هنالك قصد أو إرادة , وكما نعلم فان الانفعال يبدا كبيرا ويتدرج الى أن يتلاشى ومن هنا كان كان له العذر المخفف من وجهة نظر المشرع .
الدافع الشريف هو ألم نفسي ينتاب من ينتهك عرضه
فيما يتعلق بالدافع الشريف الذي تضمنته المادة (192 ) من قانون العقوبات يرى الدكتور بسام : أنه ألم نفسي ينتاب من ينتهك عرضه ,فيدفعه إلى غسل عاره وتحديدا في أمور العرض والشرف فقط , فهذا الانسان يجد نفسه أمام طريق واحد فيقدم على القتل وهنا أيضا يشترط المشرع في هذا الدافع أن يخلو من أية شائبة انتقام أو ثأر ,كان يعتدي شخص على إحدى قريبات شخص آخر فيقوم ذلك الشخص بقتل والده بدلا من قتله , وهنا نفسره بالانتقام وعدم وجود الدافع الشريف ولا يشترط الدافع الشريف عامل الزمن هنا كما انه يمكن لذوي الشخص المقتول بالمطالبة بالتعويض , لأن المشرع لم يقل أن من قتل شخصا تحت المفاجأة ان فعله لا يشكل جريمة بل هي جريمة وكنه اخذ باعتبارات انه كان منفعلا فخفف له العقوبة, وطالما هي كذلك يحق لاقربائه التعويض .
البعض يستخدم العذر المخفف ويتحايل على القانون
قد يستخدم البعض هذا العذر ويتحايل على القانون ,كأن تكون هنالك دوافع أخرى للقتل وهذه من سلبيات هذا العذر أنه قد يساء استخدامه , والمشرع لا يستطيع منع الحالات النادرة ,ولكن في القانون السوري اذا اقترن القتل بجناية أخرى تصبح العقوبة الاعدام، وفي الحالات التي يلجأ أحدهم فيها إلى التحايل والقتل بدوافع أخرى ويدعي أنه قتل لدافع شريف, فإن القاضي يأخذ بالعديد من وسائل الاثبات(الخبرة الجنائية وشهادة الشهود ) والامر متروك ايضا لقناعاته .
قيمة الشرف تتعلق بالذكر, والانثى لا تشعر بأنه انتهك عرضها
ويوضح الدكتور بسام أن الرأي الفقهي الغالب يشمل الرجل والمراة (الزوج والزوجة ) ولكننا بالعودة الى قراة البند نجد أن الموضوع يعني الذكر ولا يعني الانثى ,وربما ذلك لان قيمة الشرف والعرض تتعلق بالذكر , والأنثى لا تشعر بأنه انتهك عرضها ,فالمرأة لا تعتبر بدرجة إحساس الرجل ,فالرجل هو المطالب بالحفاظ على عرضه وشرفه أكثر من المرأة , اذا فظروف هذا العذر هي التي تدفع الى تفسيره في هذا المنحى ,والأصل أن كل الأعذار يستفيد منها الرجل والمرأة, فنحن نتعامل مع كائن مجرد عن جنسه .
إساءة استخدام القانون من قبل البعض ليس مبرراً لالغاء الدافع ,ولو ألغينا القانون فإنه في مثل هذه الحالات هنالك أيضا أسباب تقديرية مخففة تترك للقاضي.
فهم القانون جيدا قد يكون سببا في تغيير آراء المعارضين لهذه النصوص
يجب ان نفهم القانون اولا ثم نحكم عليه ,ليس كل من يقرا القانون يستطيع الحكم عليه واعتقد ان فهم القانون جيدا قد يكون سببا لتغيير الاراء لدى الكثيرين
في القانون الفرنسي للعام 1994 تم تعديل هذه المواد وارتأى المشرع أنه يمكن للشخص الذي فاجأ زوجه أن يطلقها بدلا من قتلها ,وأن أسال ,الشخص الذي فاجاته أخته أو أمه أو ابنته هل يستطيع التبرأ منهم , وهل محيطه الاجتماعي سيرحمه ؟
مناقشة هذه القوانين تحتاج إلى فلاسفة وحكماء
أما عن رأيي الشخصي في الأمر فأنا رجل قانون ووجهتي هي توضيح القانون فقط , قد أكون مع أو ضد ولكن حتى يكون الرأي صحيح لا بد للشخص أن يوضع في نفس المجرم حتى يكون الرأي عمليا ,هل يستطيع تحمل هذا الموقف على إحدى قريباته , فليس الأمر مجرد التنظير كما يراه البعض.
أخيراً,نحن مجتمعات تقدس العلاقة الزوجية ولا بد لمن يناقشون هذا الأمر أن يكونو فلاسفة وحكماء فنحن نتحدث عن الأسرة وهي خلية المجتمع .